ستطيبُ دُنيَا المُؤمِنينَ مُقَامــا. مَا دَامَ يَسْمو فِي الحَياةِ حَيـَـاءُ .
سَتطيبُ دُنيَا المُؤمِنينَ مُقَامــا
مَا دَامَ يَسْمو فِي الحَياةِ حَيـَـاءُ
خُلقٌ غدى لّلمُسْلِمينَ وِسَامَـــا
نُورٌ يُضيءُ وجوهَهُم وضيــــاءُ...
مِن أعْظمِ وَ أجلِّ نِعمِ اللهِ-تعالى- علَى عَبْدِهِ:
الإِيمَآنُ.
وَ قَدْ جعل اللهُ-عَزَّ وَ جَلَّ- الإِيمَآنَ شُعباً تَزيدُ مِنْ إيمآنِ المُؤمِنِ بِفعلها ، وَتَنْقُصُ مِن إيمانه بِترْكِهَا ...
وَ مِنْ شُعبِ الإِيمَآن التي حثَّ عليهآ الشَّرْعُ ، وّبيَّنَ فضِيلتَهَا: شُعْبَةُ الحَيَاءِ.
مَعنى الحَيَاءِ:-
مُجآهدَةُ النَّفْسِ لـِ/حبس اضْطرآبٍ سَآدَهَا،
سَبَبُهُ: وَصفُ هَذهِ النَّفْسِ بِصفةٍ ذَمِيمَةٍ أَوْ نآقِصَةٍ .
فَالصِفَّةُ الذَّمِيمَةُ أَوِ النَّآقِصَةُ إذآ أتُّصِفَ بِهَا المَرْءُ؛اضْطربَتْ نَفْسُهُ لِكَرَاهتِها،فَيُجآهدُ لِحَبْسِه.
وَ الفَرْقُ بَيْنَ الصِّفَتَيْنِ:أَنََّ الذَّميمَةَ هِيَ:أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِسُوءِ الأخلآق وَخَوارِمِ المُرُوءَةِ،أمَّا النَّاقِصَةُ؛فَهِيَ أَمْرٌ
يَتَعَلَّقُ بِالعيبِ الخُلُقيِّ ، أَو بِسُوءِ الإِتْقآنِ .
وَقدْ يَكُونُ أَصلُ الاضطرابِ مِنَ الصِّفةِ الحَميدةِ أَو الكآملَةِ،كأنْ يَشعُر بِالفَرَحِ عِنْدَ وَصفِه بِالذكآء أَو الكَرمِ
أَو التَّوآضُعِ...-و غيرُها من صِفاتِ الكمَال- ،فَيَكْتمـَهُ؛خَشْيةَ أن يَصِفهُ النَّآس بِالعُجْبِ أَو الغرور.
وقد يَستحِي المرءُ لِحياءِ غيره .ِ
وَ الحيآءُ مِنَ الأعمآلِ القَلبيَّةِ الَّتي يَصْعُبُ علَى النَّاظِرِ إدرآكُها؛ سَواءً عَلى نفْسِهِ أَو على غَيْرِهِ.
الحيآء في الكِتآبِ و السُّنَّةِ :
وَردَ الحياءُ في الكتابِ و السُّنَّةِ الصَّحِيحةِ وهذا يدلُ على فَضلِهِ والحثِّ عليهِ، و أَنَّهُ مِنَ خِصالِ الأنْبِيَاءِ-عَليِهمُ الصًّلاةُ و السَّلام-
وَ لَمْ يُؤْتِهِمُ اللهُ إلاَّ الخِصَالِ الحَمِيدَةِ، وَ مَكَآرِمَ الأخلاَق .
فـ/مِن الكتآبِ الكَريم :ِ
قَوْلُهُ-تَعَالى-:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى
طَعَامٍ غير نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ
إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا
فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب:53]
وَمِنَ السُّنَّةِ :
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ-رضي اللهُ عنهُ- ، عَنِ النَّبيِّ -صَلَى اللهُ عليهِ وَ سلَّم-، قَـآلَ:
"الإيمَانُ بِضعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَ الحياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَآنِ" (روآهُ البُخآريُّ، ومُسلِم )
عَن أَنَسِ بن مَالِك-رضي اللهُ عنهُ- قَالَ: قَالَ النَّبيِّ -صَلَى اللهُ عليهِ وَ سلَّم-:
"مَا كَانَ الفُحْشُ فِي شيءٍ إلاَّ شآنَهُ، وَ مَا كاَنَ الحيَاءُ فِي شَيءٍ إلاَّ زآنَهُ" (رواهُ التِّرمذي،و ابن ماجه،صححه الألبآنيُّ)
عَن عُقْبَةَ بْنِ عَمرو-رضي الله عنه- ،قَالَ: قَالَ النَّبيِّ -صَلَى اللهُ عليهِ وَ سلَّم-:
"إنَّ مِمَا أَدْرَك النَّاسُ مِنْ كَلامِ النبوَّةِ :إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ ماشِئتَ" (رواه البخاريُّ )
عَن ابن عبَّاس-رضي اللهُ عنهُ- قَالَ: قَالَ النَّبيِّ -صَلَى اللهُ عليهِ وَ سلَّم-:
"إنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقَاً ، و إنَّ خُلُقَ الإسلاَمِ الحَيَاء" (رواهُ ابن ماجه،و صحَّحه الألبانيُّ )
حيَآءُ الله :
قال ابنُ القيِّمِ في "مَدارِج السَّآلكين" :
"فَذاك نَوعٌ آخَرُ لاتُدرِكُهُ الأفْهَامُ، وَلاَ تُكَيِّفُهُ العُقُولُ؛فَإنَّهُ حَيَاءُ كَرَمٍ، وَ برٍّ ، وَ جُودٍ ، وَ جلالٍ".
حياءُ خيرُ البريِّةِ :
عَن أَبي سَعيدٍ الخُدَريِّ-رضي اللهُ عنهُ- قَالَ:
"كَانَ النَّبيُّ -صَلَى اللهُ عليهِ وَ سلَّم- أَشدَّ حيَاءً مِنَ الْعذراءِ فِي خِدْرِها"